إنه خادمُ العلمِ الشيخُ عبدُالله بن إبراهيمَ الأنصاري، وهو رجلٌ قُرآنيُّ النَّشْأةِ؛ حيث أتمَّ حفظَ القرآنِ الكريمِ في سِنِّ الثانيةَ عشرةَ، وكان والدُه الشيخُ إبراهيم جامعَتَه الأولى، ثم رحلَ إلى الأحساءِ فدرَسَ على شيوخِها وعلمائِها، ثم نزلَ مكةَ المكرمةَ وانتَظمَ طالبًا في المدرسةِ الصَّولَتية، ولزِم حَلقاتِ علماءِ المسجدِ الحرامِ.
وحين دَعَتْهُ حكومةُ بلادِه أسرعَ بِتلْبيةِ ندائها ليدفعَ قاطرةَ التعليمِ في دولةِ قطر، فأنشأ أولَ معهدٍ دينيٍّ بقطر سنة 1954م، ثم تتابعتْ مسؤولياتُه الرسميةُ؛ حيث عُيِّن مديرًا لمدرسةِ صلاحِ الدينِ، فمديرًا لشؤونِ القُرى، ثم مديرًا للشؤونِ الدينيةِ بوزارة التربية والتعليم، ثم مديرًا لإدارةِ إحياءِ التراثِ الإسلامي، كما استَلَمَ فَورَ عودتِه رايةَ التقويمِ القطريِّ مِن والدِه، فاستكملَ مسيرةَ التأسيسِ والتطويرِ خِلالَ مُدّةٍ ناهزَتْ خمسًا وثلاثينَ سنةً، ارْتَقَى خِلالَها بالتقويمِ القطريِّ ليُصبِحَ الأبرزَ والأوسعَ انتشارًا في منطقةِ الخليجِ.
طَبَعَ المُصحفَ الشريفَ أكثرَ مِن ثلاثينَ طبعةً، إضافةً لطبْعِ وإعادةِ نشْرِ مِئاتِ الكتبِ التُّراثيةِ لعلماءَ مِنْ مُختلفِ أنحاءِ العالمِ الإسلاميِّ على نفقةِ دولةِ قطر، كما نشَرَ حلقاتِ تحفيظِ القرآنِ الكريمِ على مستوى الدولةِ، وأحْيَى رمضانَ بعلماءَ وقُرّاءَ مِن دولةِ قطر والعالمِ الإسلاميِّ كلِّه.
وقد امتدَّ تأثيرُ الشيخ الأنصاري إلى خارجِ حدودِ الوطن؛ فقد كان عضوا في المجلسِ الـتأسيسيِّ لرابطةِ العالم الإسلامي، وعضوا في منظمة الدعوة الإسلامية والمجلسِ الأفريقي الإسلامي، وعضوا مؤسِّسًا في المراكز الإسلامية في كلٍّ مِنْ: كوريا واليابان والفلبين وسنغافورة وتايلاند وألمانيا وفرنسا.
كان للمسلمينَ عونًا في كلِّ مِحَنِهم ومآسِيهِم، فآزَرَ الشعبَ الفلسطينيَّ وساندَ الأفغانَ في حربِهم ضدَّ الاتحادِ السوفييتي.